من البديهي جداً فى هذه الظروف و التطور التى أصابت البلاد ، أن تكون مدينة الإسكندرية "الحزينة" أو بمعنى أكثر دقة "المنكوبة" أن تظهر بشكل لائق على الأقل كما تحدثوا عنها فى بعض الكتاب و الرحالة العالميين في قرون سابقة ، الآن نحن من المفترض أن نتمتع بتمكين الكوادر الشابة المتعلمة ، والهيئات والمؤسسات ذو دم جديد و عقول مستنيرة ، ووقف عملية الهدم والبناء منعاً لإستكمال عملية التشويه السكندرى، ولكن لن أتحدث عن الجمال المعمارى أو قصة من كان يقطن هنا وهناك أو ما هي الأحداث التاريخية التى أحدثت تغيرا سياسياً أو ثقافياً فى المدينة أو أو، لإن هذه الأشياء فى ثقافتنا غير موجودة أو معتبرة على الإطلاق، نحن الآن فى مرحلة البحث عن المأكل و الملبس و السكن أو " ياراجل كبر كبر" أو " ياعم أنا مالى ما يسكن ولا يبنى ده كان محُتِل ابن ….." و عندما ينتابك الإستفزاز وتطلب منه أن يقرأ ينظر إليك بنظرة محتقرة تجعلك تستنشق رائحة ملابس تأكيداً على أن قد ينفث منك رائحة كريهة أم لا ويقول " أقرا ؟؟؟ يا بيه أنا بلم فلوس دلوقتى " . اليوم انطلقت في جولة سياحية مع أحد أصدقائي حول بعض الأماكن الأثرية بالمدينة منها تم زيارتها من قبل فى لحظة عابرة و منها لم يتم زيارتها من قبل ولكن تم القراءة عنها ، ولكن أحببت أن تكون هذه الزيارة متقنة حاولت أن أتخيل نفسي كيف ستكون هيئتى إذ أنا أعيش في هذا الزمن، و كيف أقطن بين الزخارف و الأعمدة اليونانية والرومانية والفرعونية ، ثم الانتقال منها عبر العصور و كيفية البناء و الإتقان فى الأبنية ذو المساحات المناخية الواسعة والضيقة كما وجدت فى القلعة ، و أنا أتشمم نسمات البحر الخلابة فى عز الحر ، و الغرفة الضيقة التى تحولت فجأة إلى شهر ديسمبر. ثم راقبت مدى شغف المرشدين و دارسين التاريخ لحبهم لشرح و بحث و الإنتقال بين أروقة و أدراج هذه الأماكن و اصطحبت معي دليل إرشادى لأثرى إيطالى بها تفاصيل دقيقة و رسومات تدل على اجتهاد غير مسبوق لحبه للمدينة العريقة ، فتخيلت هكذا كيف سيكون وضع هذا الأثرى إذا أرسل دعوة لأصدقائه بأن يزوروا المدينة ويجدوا أو لم يجدوا المنطقة الأثرية موجودة أو على حالها، من الممكن أن يلعن الظروف التى جعلته ينهض من أريكته فى بلدُه لأنه أحب أن يزور الإسكندرية ، و أن يصطدم بعدم رؤيته للبحر غير فى منطقة وسط البلد فقط أو أن كان يقرأ كتابا فرنسياً عن قصر المنتزه بغاباته أو أن كتاباً يونانياُ أو إنجليزياً عن أنطونيادس و رحلاتها التى كانت لم تنقطع عندما كان السير دون يفتح حديقته للعرض للزائرين الرحالة ، وجرت العادة إلى ولده الذى أهدى الحديقة للبلدية، تخيل نفسك أنك ترى إعلاناً عن "سندوتش" كبير الحجم و به مكونات جعلتك تسيل لعابك ثم تبادر بالشراء فتتفاجأ بقطعة عجينة قطرها 5 سم فقط ملحوسة صلصة ، فستقول "ايه النصب ده"، تخيل معى أن الزائر للإسكندرية سوف يقول لمدينة بأكملها "إيه النصب ده" وليس فقط على المناطق المفقودة إطلاقاً ، أنما على مناطق نحن نسميها تطويراً ، أو مبنى مثبت من قبل جهة حكومية انها مدرج تراثاً، ثم تأتى البالوعة تلتهمه، الإسكندرية مهما دهست الأزمان بها ، سوف تظل لها طابع خاص جداً ، لإنها كانت لا توصف فقط إنما هى كانت منبع القصص و الفنون، وكانت محور أفلام عالمية حازت على جوائز "الأوسكار" و"كان" ، ولكن فى أيدى بعض من الموظفين كل همهم يقبضوا ال 1500 ج.م لاغير ، حتى يستكمل يومه الممل الملعون، ليس لديه شغف بأن يتطلع إلى قراءة كتاب أو بحث جديد من الممكن أن ت"داونلود ببلاش من على النت" حتى يتغير وجهة نظرك تجاه وجهة نظر العالم في هذه المدينة. اليوم العاملين بالقطاع السياحى فى الأسكندرية فى معاناة من قلة الزيارات الأجنبية ، شئ مخزي أن أقرأ فى جريدة أنه تم الإحتفال ب 5 سائحين ألمان بزيارة الإسكندرية، أو صورة التقطت فى احد المتاحف ل 5 مرشدين سياحيين بجانب اثنين من السائحين، ماهذا الهراء . كل ما أريد أن أقوله لابد من التطور الفكرى و الثقافى ، و الإصغاء جيداً إلى مبادرين الأفكار الجيدة، العالم الآن مفتوح على مصراعيه و الأفكار الجيدة و التطور الذي ينقل المدن فى هذا المجال إلى الأمام ، مصر هنا لماذا تعانى بحجة الكورونا بالرغم من أن الدول التى كانت فى زمن ما كانت فى نفس المستوى ، الآن فى لحظات تنتعش سياحيا و ثقاقياً و نحن نياماً. التراث الذى أصبح كلمة مهانة أصبحت تتردد على ألسنتنا كالببغاء الغبى ، بدون وعى لم يتركز فى فقط فى المبانى الذى نحن نقول عليها تراثياً ، المعماري الذي كان ينشئ مبنى كان ينشئ ثقافته، لذلك الآن أصبحنا نفرق هذا المبنى طرازه انجليزياً أم إيطالياً ، وقارن بناءنا الأن، وكيف الشركات النادرة الآن فى المدينة تحاول أن تحافظ على هذه البناءات بالاستثمار، لتضفي مالاً و تحافظ على الطابع المعمارى، "مش لازم عشان أغير فيشة أهد الأوضة". أسامة محرم
0 Comments
|
ArchivesAtelier of Alexandria |